﴿اختصاصه
بأوَّلية الخَلْق وأوَّلية النبوة
﴾
فهو صلى الله عليه وسلم أول خلق الله بإجماع العلماء، وكما جاء فى حديثه صلى
الله عليه وسلم حين سأله جابر رضى الله عنه: يا رسول الله بأبى أنت وأمى أخبرنى
عن أول شئ خلقه الله تعالى قبل الأشياء: قال صلى الله عليه وسلم: (يَا جَابِرُ
إِنَّ اللهَ تَعَالىَ خَلقَ قَبْلَ الأَشْيَاءِ نُورَ نَبِيِّكَ مِنْ نُورِهِ
...) الحديث، وورد عنه أيضاً صلى الله عليه وسلم حين سُئل: متى نُبِّئتَ يا
رسول الله؟ قال: (كُنْتُ نَبِيًّا وَآدَمُ مُنْجَدِلٌ فِى طِينَتِهِ) وقال مرة
ثانية إجابة عن نفس السؤال: (كُنْتُ نَبِيًّا وَلاَ مَاءٌ وَلاَ طِين) وقال جل
شأنه فى الحديث القدسى المشير إليه صلى الله عليه وسلم: (لأجْلِكَ أبْرَزتُ
الكَيَانَ مِنَ العَمَا، وَلأجْلِكَ شَفَّعنَا كُلَّ الشُّفَعَاءِ).
وقد أخذ الله تعالى لنبيه صلى الله عليه وسلم الميثاق على الأنبياء كلهم
بالإيمان برسالته وإتباعه صلى الله عليه وسلم وقال جل شأنه فى ذلك
﴿وَإِذْ
أَخَذَ اللهُ
مِيثَاقَ
النَّبِيِّينَ لَمَا آتَيْتُكُم مِّن كِتَابٍ
وَحِكْمَةٍ ثُمَّ جَاءَكُمْ رَسُولٌ مُّصَدِّقٌ لِمَا مَعَكُمْ لَتُؤْمِنُنَّ
بِهِ وَلَتَنصُرُنَّهُ﴾.
وقد كان للنبى صلى الله عليه وسلم الأولوية والفضل الأسمى فى يوم الميثاق وهو
ما قال فيه الله سبحانه وتعالى: ﴿وإذ أخذ ربك من بنى آدم من ظهورهم ذريتهم وأشهدهم
على أنفسهم ألست بربكم قالوا بلى شهدنا أن تقولوا يوم القيامة إنا كنا عن هذا
غافلين﴾،
وعن ابن عمر أن النبى صلى الله عليه وسلم قال: (أخذ ربك من بنى آدم من ظهورهم
ذرياتهم كما يؤخذ بالمشط من الرأس فقال لهم ألست بربكم قالوا بلى قالت الملائكة
شهدنا أن تقولوا). أى شهدنا عليكم بالإقرار بالربوبية لئلا تقولوا، وهذا يسمى
يوم الميثاق،
فهو صلى الله عليه وسلم مقصودُه تعالى من الخَلْق وموضع نظره فيهم، ولله المثل
الأعلى.
اختصاصه بأن معجزته مستمرة إلى يوم القيامة وهى القرآن
فمعجزات الأنبياء عليهم السلام مرهونة بوقتها مقصورة على من عاصرها وعاينها؛
أما القرآن معجزته الكبرى صلى الله عليه وسلم فهى الباقية على الأزمان لا
تبليها كثرة التكرار ولا يذهب بروائها تعاقب الليل والنهار، وإن من شكك فى
معجزات الأنبياء لتقادم العهد وتطاول المدة ودخول الإختلال فى تواتر الأخبار؛
لا يستطيع إلاَّ أن يقف عاجزاً أمام القرآن، وكل آية فيه ترد المتشكك بألف
لسان، وهذا مع جمع الله لنبيه صلى الله عليه وسلم كل ما أوتيه الأنبياء من
معجزات وفضائل، ولم يجمع ذلك لغيره بل اختص كل نبى بنوع واحد من المعجزات، وقد
عدَّها الشيخ العز بن عبد السلام بما يقترب من ثلاثة آلاف معجزة للرسول صلى
الله عليه وسلم، ومنها ما لم يثبت لواحد من الأنبياء قبله صلى الله عليه وسلم
مثل تسليم الحَجَر، وحنين الجذع، وانشقاق القمر، ونبع الماء من بين الأصابع.
|