أما صفة لحيته
صلى الله عليه وسلم فكما قال ابن أبى هالة: (كان رسول الله صلى الله عليه وسلم
كَثُّ اللحية) وقال جبير بن مطعم: (كان رسول الله ضخم اللحية) وقال أنس: (كانت
لحيته صلى الله عليه وسلم قد ملأت من ها هنا إلى ها هنا) رواه ابن عساكر.
وكان شعره صلى الله عليه وسلم شديد السواد وكذلك
لحيته العظيمة المنبسطة على صدره، ولم ير من الشيب إلا قليلاً، وقال أنس: (لو
شئت أن أعد شمطات - شعرات بيض - كُنَّ فى رأسه) وما كان فى رأسه ولحيته إلا سبع
عشرة أو ثمان عشرة شعرة بيضاء، وكان أكثر شيب رأسه صلى الله عليه وسلم فى
الفودين وهما حرفا الفرق، وأكثر شيب لحيته ما بين الشفة السفلى والذقن، وتسمى
بالعُنقُفة، وكان شيبه صلى الله عليه وسلم كأنه خيوط الفضة يتلألأ فى سواد
الشعر؛ وإذا خضبه بالصفرة صار كأنه خيوط الذهب، وقد اختضب مرات قليلة وترك
الخضاب أكثر الأوقات، وكان يدهن رأسه ويسرح لحيته غالباً، وورد عن السيدة عائشة
رضى الله عنها: (كان رسول الله صلى الله عليه وسلم لا يفارق سواكه ومشطه وكان
ينظر فى المِرآة إذا سرَّح لحيته) وقالت رضى الله عنها: (كان رسول الله صلى
الله عليه وسلم إذا امتشط بالمشط كأنه حُبُك الرِّمَال) رواه أبو نعيم، وفى
معناه قال الفرَّاء: الحُبُك هى تَكَسُّرُ كلُّ شَئ كالرَّمل إذا مرت به الريح
الساكنة، وكالماء الدائم إذا مرت به الريح، والشَعْرة الجيدة تَكَسُّرُها:
حُبُكٌ.
وروى عن ابن عباس رضى الله عنهما قال: (وكان صلى
الله عليه وسلم له مكحلة يكتحل منها كل ليلة قبل أن ينام ثلاثة فى كل عين) وكان
يتطيب صلى الله عليه وسلم، كما روت السيدة عائشة رضى الله عنها- بذكارة الطيب
المسك والعنبر، والذكارة هو الطيب الذى يصلح للرجال وهو ما لا لون له، ولم يرو
أنه عليه الصلاة والسلام حلق رأسه الشريف فى غير نسك حج أو عمرة (أى لم يزله
كاملا إلا فى ذلك) فكما روى عن أنس بن مالك رضى الله عنه أنه قال: (إن رسول
الله صلى الله عليه وسلم لما رمى جمرة العقبة نحر نسكه ثم ناول الحالق شقه
الأيمن فحلقه فأعطاه أبا طلحة ثم ناوله شقه الأيسر فقال: "اِقْسِمْهُ بَيْنَ
النَّاسِ") رواه الشيخان، وكان صلى الله عليه وسلم يقص شاربه ويعفى لحيته - كما
حكاه ابن عباس رضى الله عنهما، وخضَّبَ شعره صلى الله عليه وسلم بالحناء ولكنه
قليل: مرة حين دخل مكة ومرات قلائل فى المدينة.
|