طيب ريحه وعرقه وطهارة فضلاته
كانت الرائحة الطيبة صفته صلى الله عليه وسلم وإن
لم يمس طيباً، قال أنس رضى الله عنه: (ما شممت ريحاً قط ولا مسكاً ولا عنبراً
أطيب من ريح رسول الله صلى الله عليه وسلم) وروى الطبرانى أن رجلاً استعان به
صلى الله عليه وسلم على تجهيز ابنته فلم يكن عنده شئ فاستدعى بقارورة فسلت له
فيها من عرقه وقال: مرها فلتتطيب به، فكانت إذا تطيبت به شم أهل المدينة ذلك
الطيب فسُمُّوا "بيت المطيبين" وعن أنس رضى الله عنه قال: كان رسول الله صلى
الله عليه وسلم إذا مر فى طريق من طرق المدينة وجدوا منها رائحة الطيب وقالوا
مرَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم من هذا الطريق، وعن السيدة عائشة رضى الله
عنها قالت: (كان رسول الله صلى الله عليه وسلم أحسن الناس وجهاً وأنورهم لوناً،
لم يصفه واصف قط إلا شبه وجهه بالقمر ليلة البدر، وكان عرقه فى وجهه مثل اللؤلؤ
أطيب من المسك الأزفر) وروى جابر بن سُمَرة أنه صلى الله عليه وسلم كان يضع يده
على رأس الصبى فيعرف من بين الصبيان بريحها، ويصافح المصافح فيظل يومه يجد
ريحها، أما فضلاته الأخرى صلى الله عليه وسلم كالبول والغائط والدم، فقد تكاثرت
الأدلة على طهارتها كما قال شيخ الإسلام ابن حجر، وعدَّ الأئمة ذلك فى خصائصه
صلى الله عليه وسلم.
ومن ذلك ما ورد عن القاضى عياض مما عزاه للكثيرين
من المؤلفين فى الشمائل الكريمة أنه صلى الله عليه وسلم كان إذا أراد أن يتغوط
انشقت الأرض وابتلعت بوله وغائطه وفاحت لذلك رائحة طيبة، وعن أم أيمن رضى الله
عنها قالت: (قام رسول الله صلى الله عليه وسلم من الليل إلى فُخَارة فى جانب
البيت فبَال فيها، فقمت من الليل وأنا عطشانة فشربت ما فيها وأنا لا أشعر فلما
أصبح النبى صلى الله عليه وسلم قال:" يَا أُمَّ أَيْمَن قُومِى فَأَهْرِيقِى
مَا فِى تِلْكَ الْفُخَارَةِ"، فقلت: قد والله شربت ما فيها، قالت: فضحك رسول
الله صلى الله عليه وسلم حتى بدت نواجذه ثم قال: "أَمَا وَاللهِ لاَ
يَيْجَعَنَّ بَطْنَكِ أبَداً).
وعن ابن عباس رضى الله عنهما قال: (حَجَّم النبىَّ
صلى الله عليه وسلم غلامٌ لبعض قريش، فلما فرغ من حجامته أخذ الدم فذهب به من
وراء الحائط فنظر يميناً وشمالاً فلم يرَ أحداً فحسى دمه حتى فرغ ثم أقبل فنظر
صلى الله عليه وسلم فى وجهه فقال: "وَيْحَكَ مَا صَنَعْتَ بِالدَّمِ!"، (قال)
قلت: غيبته من وراء الحائط، قال: أَيْنَ غَيَّبْتَهُ؟ قلت: يا رسول الله نفَستُ
علَىَ دمك أن أهريقه فى الأرض فهو فى بطنى، فقال: "إِذْهَبْ فَقَدْ أَحْرَزْتَ
نَفْسَكَ مِنَ النَّارِ) ولما جُرِح النبى صلى الله عليه وسلم مصَّ جُرحه
مَالِك والد أبى سعيد الخدرى حتى أنقاه ولاح أبيض فقال: مُجّه، فقال: لا والله
لا أمجه أبداً، ثم ازدرده .. فقال النبى صلى الله عليه وسلم: " مَنْ أَرَادَ
أَنْ يَنْظُرُ إِلىَ رَجُلٍ مِنْ أَهْلِ الْجَنَّةِ فَلْيَنْظُر إِلىَ هَذَا"،
فاسْتُشْهِد.
|