الحلم والاحتمال والعفو والشفقة
والصبر على ما يُكرَه

وهذا كله مما أدَّب عليه الله تعالى نبيه صلى الله عليه وسلم ؛ فقال تعالى ﴿خُذِ الْعَفْوَ وَأْمُرْ بِالْعُرْفِ وَأَعْرِضْ عَنِ الْجَاهِلينَ ورُوِى أن النبى صلى الله عليه وسلم لما نزلت هذه الآية سأل جبريل عليه السلام عن تأويلها فقال: "حتى أسأل العَالِم"، ثم ذهب فأتاه فقال: يا محمد إن الله يأمرك أن تصل من قطعك وتعطى من حرمك وتعفو عمن ظلمك، ولا خفاء بما يؤثر من حلمه واحتماله صلى الله عليه وسلم وأن كل حليم قد عُرِفَت منه زلة وحُفِظت عنه هفوة، وهو صلى الله عليه وسلم لا يزيد مع كثرة الأذى: إلا صبراً، وعلى إسراف الجاهل إلا حِلماً، وروى الإمام مالك عن السيدة عائشة رضى الله عنها: ما انتقم رسول الله صلى الله عليه وسلم لنفسه إلا أن تنتهك حُرمة الله تعالى فينتقم لله بها، وروى أن النبى صلى الله عليه وسلم لما كُسِرت رُباعيته وشُجَّ وجهه يوم أحد شَقَّ ذلك على أصحابه وقالوا: "لو دعوت عليهم" فقال صلى الله عليه وسلم: (إِنِّى لَمْ أُبْعَثْ لَعَّاناً وَلَكِنْ بُعِثْتُ دَاعِياً وَرَحْمَةَ اللَّهُمَّ اهْدِ قَوْمِى فَإِنَّهُمْ لاَ يَعْلَمونَ) وتصدى له صلى الله عليه وسلم غورث بن الحارث ليفتك به، ورسول الله صلى الله عليه وسلم منتبذ تحت شجرة وحده وهو قائل فى وقت القيلولة والناس قائلون فى غزاة، فنظر رسول الله صلى الله عليه وسلم والرجل قائم والسيف مُصلتاً فى يده، فقال الرجل: من يمنعك منى؟ فقال صلى الله عليه وسلم: (اللهُ)، فسقط السيف من يده فأخذه النبى صلى الله عليه وسلم وقال: (مَنْ يَمْنَعُكَ مِنِّى؟) فقال: "كُن خير آخِذ"؛ فتركه النبى صلى الله عليه وسلم وعفا عنه، فجاء الرجل إلى قومه فقال: جئتكم من عند خير الناس.

ومن عظيم ما ورد عنه صلى الله عليه وسلم فى العفو: عفوه عن اليهودية التى سمَّته فى الشاة بعد اعترافها، وأنه لم يُؤَاخِذ لبيد بن الأعصم إذ سحره - وقد أُعْلَم به صلى الله عليه وسلم وأُوحِىَ إليه بشرح أمره - ولا عَتَب عليه فضلاً عن معاقبته، وكذلك لم يُؤَاخِذ عبد الله بن أُبىِّ وأشباهه من المنافقين بعظيم ما نُقِل عنهم فى جهته قولاً وفعلاً بل قال لمن أشار عليه بقتل بعضهم: (لاَ؛ كَىْ لاَ يُتَحَدَّث أَنَّ مُحَمَّداً يَقتُلُ أَصحَابَهُ) وقالت السيدة عائشة رضى الله عنها (ما رأيتُ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم منتصراً من مَظلَمة ظُلِمَها قط ما لم تكن حرمة من محارم الله تعالى، وما ضرب بيده شيئاً قط إلا أن يجاهد فى سبيل الله، وما ضرب خادماً ولا امرأة)، وجئ إليه صلى الله عليه وسلم برجل فقيل له: هذا أراد أن يقتلك، فقال له النبى صلى الله عليه وسلم: (لَنْ تُرَاع، وَلَوْ أَرَدْتُ ذَلِكَ لَمْ تُسَلَّطْ عَلَىَّ)..!! وقال أنس رضى الله عنه: هبط ثمانون رجلاً من "التنعيم" عند صلاة الصبح ليقتلوا الرسول صلى الله عليه وسلم: فأُخِذُوا؛ فأعتقهم رسول الله صلى الله عليه وسلم، فأنزل الله تعالى: ﴿وَهُوَ الَّذِى كَفَّ أَيْدِيَهُمْ عَنكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ عَنْهُم بِبَطْنِ مَكَّةَ مِن بَعْدِ أَنْ أَظْفَرَكُمْ عَلَيْهِمْ ولما قال له أحد الأعراب الغِلاظ أثناء قسمة الغنائم: اعدل فإن هذه قسمة ما أُرِيدَ بها وجه الله تعالى، لم يزد فى جوابه أن قال صلى الله عليه وسلم: (وَيْحَكَ!! فَمَنْ يَعْدِلْ إِنْ لَمْ أَعْدِلْ؟!) ونهَى من أراد من أصحابه قتله، فكان رسول الله صلى الله عليه وسلم أبعد الناس غضباً وأسرعهم رضا صلى الله عليه وسلم.

قصة الأعرابى الذى جاء يطلب شيئاً منه: فأعطاه صلى الله عليه وسلم ثم قال له: (أأحسنت إليك) قال الأعرابى ولا أجملت. فقض الحاضرون من المسلمين وقاموا إلى الأعرابى، فأشار إليهم النبى صلى الله عليه وسلم أن كفوا، ثم قام ودخل منزله وأرسل إلى الأعرابى وزاده شيئاً ثم قال له: (أأحسنت؟) فقال: نعم فجزاك الله تعالى من أهل وعشيرة خيراً. فقال صلى الله عليه وسلم: (أنك قلت ماقلت وفى نفس أصحابى من ذلك شئ، فإن أحببت فقل ماقلت بين يدى حتى يذهب مافى صدورهم عليك) فقال الأعرابى: نعم فلما كان الغد جاء النبى صلى الله عليه وسلم فقال: (إنه رضى، أكذلك؟) قال الأعرابى: نعم فجزاك الله تعالى من أهل وعشيرة خيراً. فقال النبى صلى الله عليه وسلم: (مثلى ومثل هذا الأعرابى مثل رجل له ناقة شردت عليه فاتبعها الناس فلم يزيدها إلا نفوراً فناداهم صاحبها: خلو بينى وبين ناقتى فإنى أرفق بها منكم وأعلم فتوجه إليها فأخذ لها من قمام الأرض فردها حتى جاءت إليه، وارتاحت وشد عليها رحالها، واستوى عليها، وإنى لو تركتكم حيث قال الرجل ما قال فقتلتموه دخل النار).

هذه الصفحة عزيزي الزائر لموقعنا تخبرك عن جديد الموقع  و الاضافات الجديدة سواء كانت فقرات لأبواب موجودة حالياً، أو الأبواب التي تحت الإنشاء، أو جديد الموقع من صور أو غيرها، كما يسرنا أن نرحب باقتراحاتكم و آرائكم على العنوان البريدي لهذا الموقع
صور

 

 

 

الصفحة الرئيسية راسلنا آراء القراء خريطة الموقع