خَلق الله تعالى مصطفاه محمداً صلى الله عليه وسلم الرحمة المهداة أنموذجاً
للخَلْق صورة ومعنى، فجعل مرتبته فى الوجود المرتبة العليا التى ليس فوقها
مرتبة لموجود، فهو حبيب الله الأسمى؛ لذا فقد فضله سبحانه وتعالى على جميع
الأنبياء والمرسلين بخصائص لم يعطها لغيره؛ ليعلو على الوجود شرفه وذكره، وقد
عدّها الشيخ أبو سعيد النيسابورى ستين خصلة، ووجدها الإمام السيوطى أربعة
أضعاف هذا العدد، وبلغ بها بعض العلماء أضعاف أضعاف ذلك. وقد قسمها الإمام
السيوطى رحمه الله أربعة أقسام؛ قسمٌ اختص به فى ذاته فى الدنيا، وقسم اختص به
فى ذاته فى الآخرة، وقسم اختص به فى أمته فى الدنيا، وقسم اختص به فى أمته فى
الآخرة، ومن هذه الخصائص:
اختصاصه بإعجاز كتابه، وحفظه من التبديل والتحريف
فالقرآن الكريم جامعٌ لكل شئ، ومُستغنٍ عن غيره، ومشتملٌ على ما اشتملت عليه
جميع الكتب وزيادة ..، وورد عن الحسن البصرى أنه قال: (أنزل الله مائةً وأربعة
كتب؛ أودع علومها أربعةً منها: هى التوراة والإنجيل والزبور والفرقان، ثم أودع
علوم التوراة والإنجيل والزبور فى القرآن) أخرجه البيهقى. وورد عن ابن مسعود
رضى الله عنه: (أنزل الله فى هذا القرآن كل علم، وبيَّنَ لنا فيه كل شئ،
ولكن عِلمَنا يَقصُر عما بُيِّن لنا فى القرآن) أخرجه ابن جرير، وقال تعالى:﴿قُل
لَّئِنِ اجْتَمَعَتِ الإِنْسُ وَالْجِنُّ عَلَى أَن يَأْتُوا بِمِثْلِ هَذَا
الْقُرْآنِ لاَ يَأْتُونَ بِمِثْلِهِ وَلَوْ كَانَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ
ظَهِيراً﴾
وقال تعالى:
﴿
إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ﴾
فحفظه الله علينا فلم يَضِعْ ولا شابه تحريف. وورد عن الحسن فى قوله تعالى:
﴿وَإِنَّهُ
لَكِتَابٌ عَزِيزٌ ♦
لاَ يَأْتِيهِ الْبَاطِلُ مِن بَيْنِ يَدَيْهِ وَلاَ مِنْ خَلْفِهِ﴾
قال: (حفظه الله من الشيطان فلا يزيد فيه باطلاً ولا ينقص منه حقاً).
|