اختصاصه أنَّ الله كلَّمَه بأنواع الوحى كلها
وهى ثلاثة: الرؤيا الصادقة: فكان صلى الله عليه وسلم لا يَرى رؤيا إلا جاءت
كفلق الصبح، والكلام بغير واسطة: كما حدث فى المعراج عند سدرة المنتهى،
والثالث: بواسطة جبريل.
اختصاصه أن الله فرض طاعته على العالم فرضاً مطلقاً
فلم يشترط فيه ولا استثنى، فقال
﴿وَمَا
آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا﴾
وقال
﴿مَّن
يُطِعِ الرَّسُولَ فَقَدْ أَطَاعَ اللهَ﴾
وأن الله تعالى أوجب على الناس التأسى به قولاً وفعلاً مطلقاً بلا استثناء؛
فقال
﴿لَّقَدْ
كَانَ لَكُمْ فِى رَسُولِ اللهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ﴾
واستثنى فى التأسى بخليله فقال:
﴿قَدْ
كَانَتْ لَكُمْ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ فِى إِبْرَاهِيمَ﴾
إلى أن قال
﴿إِلاَّ
قَوْل إِبْرَاهِيمَ لأَبِيهِ﴾
وكذلك قرن الله اسمه باسم رسوله فى كتابه عند ذكر طاعته ومعصيته وفرائضه
وأحكامه ووعده ووعيده؛ تشريفاً وتعظيماً مثل
﴿اسْتَجِيبُوا للهِ وَلِلرَّسُولِ﴾،ء
﴿مَن
يُحَادِدِ اللهَ وَرَسُولَهُ﴾،ء﴿بَرَاءَةٌ
مِّنَ اللهِ وَرَسُولِهِ﴾،ء
﴿يُحَارِبُونَ
اللهَ وَرَسُولَهُ﴾، ء﴿مَا
حَرَّمَ اللهُ وَرَسُولُهُ﴾
.. وكثير مثل ذلك.
اختصاصه بتحريم الكلام فى
الصلاة وإباحته فى الصوم - على عكس الأمم السابقة
وقد أخرج سعيد بن منصور فى سننه عن محمد بن كعب القرظى قال: قدم رسول الله صلى
الله عليه وسلم المدينة والناس يتكلمون فى الصلاة فى حوائجهم حتى نزلت آية
﴿وَقُومُوا
للهِ قَانِتِينَ﴾
وقال ابن العربى فى شرح الترمذى: "كان مَن قَبلَنا من الأمم صومهم الإمساك عن
الكلام مع الطعام والشراب فكانوا فى حرج، فأرخص الله لهذه الأمة بحذف نصف
زمانها وهو الليل، وحذف نصف صومها وهو الإمساك عن الكلام ورخَّص لها فيه.
اختصاصه بأن أمته خَير
الأمم وآخِر الأمم: فَفُضِحت الأمم عندهم ولم يُفضَحوا، وأنهم مُيَسَّرون لحفظ
كتابهم فى صدورهم، وأنهم اشتُقَّ لهم اسمان من أسماء الله تعالى: "المسلمون
والمؤمنون" ... ولم يوصف بهذا الوصف إلا الأنبياء دون أممهم
قال تعالى:
﴿كُنتُمْ
خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ﴾
وقال:
﴿وَلَقَدْ
يَسَّرْنَا الْقُرْآنَ لِلذِّكْرِ﴾،
ء﴿هُوَ
سَمَّاكُم الْمُسْلِمِينَ مِن قَبْلُ﴾
وفى هذا أخرج الترمذى عن معاوية بن حيدة أنه سمع النبى صلى الله عليه وسلم يقول
فى قوله تعالى:
﴿كُنتُمْ
خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ﴾
قال: (إِنَّكُمْ تُتِمُّونَ سَبْعِينَ أُمَّةً؛ أَنتُمْ خَيْرُهَا وَأَكرَمُهَا
عَلَى اللهِ) وأخرج ابن أبى حاتم عن أبى بن كعب قال: (لم تكن أمة أكثر استجابة
فى الإسلام من هذه الأمة، فمِن ثَمَّ قال:
﴿كُنتُمْ
خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ﴾
وروى عن مكحول فيما أخرجه ابن راهويه قال: (كان لعُمَر على رجل من اليهود حق؛
فأتاه يطلبه فقال: "لا والذى اصطفى محمداً على البشر لا أفارقك"، فقال اليهودى:
"والله ما اصطفى الله محمداً على البشر"..، فلطمه عمر، فأتى اليهودى النبى صلى
الله عليه وسلم فأخبره فقال: (أمَّا أنْتَ يَا عُمَرُ فَارْضِهِ مِنْ
لَطْمَتِهِ، بَلْ يَا يَهُودِىّ: آدَمُ صَفِىُّ اللهِ وَإِبْرَاهِيمُ خَلِيلُ
اللهِ وَمُوسَى نَجِىُّ اللهِ وَعِيسَى رُوحُ اللهِ وَأَنَا حَبِيبُ اللهِ،
بَلْ يَا يَهُودِىّ: تَسَمَّى اللهُ بِاسْمَيْنِ سَمَّى بِهِمَا أُمَّتِى، هُوَ
"السَّلاَمُ" وَسَمَّى أُمَّتِى الْمُسْلِمينَ، وَهُوَ "الْمُؤْمِنُ" وَسَمَّى
أُمَّتِى الْمُؤْمِنينَ، بَلْ يَا يَهُودِىّ: ضَلَلْتُمْ يَوْماً، ذُخِرَ لَنَا
الْيَوْمُ وَلَكُمْ غَدٌ وَبَعْدَ غدٍ لِلنَّصَارَى، بَلْ يَا يَهُودِىّ
أَنْتُمُ الأَوَّلُونَ وَنَحْنُ الآخِرُونَ السَّابِقُونَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ،
بَلْ يَا يَهُودِىّ: إِنَّ الْجَنَّةَ مُحَرَّمَةٌ عَلَى الأَنْبِيَاءِ حَتَّى
أَدْخُلُهَا، وَهِىَ مُحَرَّمَةٌ عَلَى الأُمَمِ حَتىَّ تَدْخُلُهَا أُمَّتِى).
|