بحيرة الراهب

ذكر البكرى فى كتاب "الأنوار" من حديث كعب الأحبار؛ قال: فى رحلة رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى الشام وحين شارف الركب على بُصرىَ من أرض الشام نزل القوم وأناخوا بـ "عقبة أيلة"، وكان بها دير مملوءة بالرهبان، وبهم راهب كبير أعمى يقتدون برأيه ويرجعون لقوله يقال له: "بَحِيرا" - وذكر المسعودى: أنه من بنى عبد القيس واسمه "جرجيس"- وكان قد قرأ فى كتب الأنبياء ورأى صفات النبى صلى الله عليه وسلم فى كتاب عندهم يتوارثونه كابراً عن كابر من عهد عيسى عليه السلام، وكان بحيرا يقول لأولاده: "متى تبشرونى بقدوم البشير النذير السراج المنير؛ المبعوث من تهامة المتوج بالعز والكرامة الذى يشفع فى العُصَاة يوم القيامة" وقد دام ذلك الراهب فى انتظاره زماناً طويلاً، وكان كلما ذكر الحبيب أكثر النحيب إلى أن ذهب منه البصر وزادت عليه الفِكَر؛ فبشره الله تعالى بالرضا وبملاقاة حبيبه صلى الله عليه وسلم وبرجوع بصره إليه إذا دخل نبيه المختار فى تلكم الأديار.

وحين أشرف ركب الحجاز على القدوم من ذلك العام: نظر أولاده من الدير فإذا بالأنوار قد تلألأت من الركب ورسول الله صلى الله عليه وسلم يتقدم القوم وقد أظلته غمامة بيضاء من بينهم، فأخبروا أباهم بذلك، فقال لهم بَحِيرا: يا أولادى إن كان هذا النبى المبعوث من تهامة فى هذا الركب فإنه ينزل تحت هذه الشجرة وإنها ستخضر وتثمر فقد جلس تحتها عدة من الأنبياء وأنها منذ عهد عيسى عليه السلام يابسة لم تخضر ولم تثمر.

فلما أقبل النبى صلى الله عليه وسلم نزل تحت هذه الشجرة فتهَصَّرت أغصانها عليه واخضرت فى الحال وأورقت وأثمرت من وقتها، وحين أخبره أولاده بذلك بادر الراهب فنحر النحائر وعقر العقائر وصنع لركب قريش الولائم من أفخر الطعام ليحظى ديره بسيد الأنام ويتشرف منه بوطء الأقدام والشفاعة له ولسائر الرهبان. ثم أرسل بحيرا إليهم وقال: "إنى قد صنعت لكم طعاماً يا معشر قريش وأحب أن تحضروا كلكم؛ صغيركم وكبيركم؛ عبدكم وحُرُّكم" فقال له رجل منهم: والله يا بحيرا إن بك اليوم لشأناً !! ما كنت تصنع هذا بنا وقد كنا نمر بك كثيراً، ما شأنك اليوم؟! قال له بحيرا: صدقت، قد كان ما تقول ولكنكم ضيف وقد أحببت أن أكرمكم وأصنع لكم طعاماً فتأكلوا منه كلكم.

هذه الصفحة عزيزي الزائر لموقعنا تخبرك عن جديد الموقع  و الاضافات الجديدة سواء كانت فقرات لأبواب موجودة حالياً، أو الأبواب التي تحت الإنشاء، أو جديد الموقع من صور أو غيرها، كما يسرنا أن نرحب باقتراحاتكم و آرائكم على العنوان البريدي لهذا الموقع
صور

 

الصفحة الرئيسية راسلنا آراء القراء خريطة الموقع