بحيرة الراهب

فلما فرغ القوم من طعامهم وتفرقوا..، قام إليه الراهب بحيرا وقال: بالله خبرنى عما أسألك عنه؟! فقال له صلى الله عليه وسلم: سلنى عما بدا لك. فجعل يسأله عن أشياء عن حاله من هيئته ونومه وأموره، ويخبره رسول الله صلى الله عليه وسلم فيوافق ذلك ما عند بحيرا من الصفة التى فى كتابه القديم. ثم مسح النبى صلى الله عليه وسلم على عينى بحيرا فَرُدَّ إليه بصره بإذن الله تعالى ورحمته، وحين رآه بحيرا: نظر إلى ظهره صلى الله عليه وسلم فرأى خاتم النبوة بين كتفيه على موضعه من الصفة التى عنده، فقال: "هذا والله سيد العالمين ورسول رب العالمين؛ النبى المبعوث فى آخر الزمان من تهامة؛ الشفيع فى كل الخلائق يوم القيامة" ثم شهد بحيرا بشهادة ألا إله إلا الله وأن محمداً صلى الله عليه وسلم رسول الله.

ووعى ميسرة كل ذلك، قال ابن اسحاق: فلما فرغ بحيرا أقبل على عمه فقال له: أهو ابنك؟ قال: نعم، قال بحيرا: ما هو ابنك وما ينبغى له أن يكون أبوه حياً، قال: فإنه ابن أخى قال: فما فعل أبوه؟ قال: مات وأمه حبلى به، قال: صدقت، فارجع بابن أخيك إلى بلده واحذر عليه الروم واليهود فوالله لئن رأوه وعرفوا منه ما عرفت ليبغنه شراً؛ فإنه كائن لابن أخيك شأن عظيم فأسرع به إلى بلاده، فاعتذروا له عن عدم امكانهم الرجوع قبل إنهاء رحلتهم وأداء ما استخلفهم فيه قومهم من الأموال للتجارة بها بالشام.

ثم حضر رسول الله صلى الله عليه وسلم سوق بُصَرى بالشام فباع سلعته التى خرج بها واشترى؛ فكان بينه وبين رجلٍ اختلاف فى سلعة فقال الرجل:"احلف باللات والعُزَّى" فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:"لا تسألنى باللات والعزى شيئاً فوالله ما أبغضت بغضهما أحداً"، فقال الرجل: "القول قولك" ثم قال الرجل لميسرة وخلا به: "يا ميسرة هذا نبىٌّ والذى نفسى بيده؛ وإنه لهو؛ تجده أحبارنا منعوتاً فى كتبهم" فوعى ذلك ميسرة، ثم انصرف أهل العير جميعا.

عودته إلى مكة

قال ابن اسحاق: وكان ميسرة يرى رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا كانت الهاجرة واشتد الحر يرى ملكين يُظلاَّنه من الشمس وهو على بعيره، وكان الله عز وجل قد ألقى على رسول الله صلى الله عليه وسلم المحبة من ميسرة فكان كأنه عبد لرسول الله صلى الله عليه وسلم، فلما رجعوا وكانوا بمر "الظَهْران" تقدم رسول الله صلى الله عليه وسلم عليهم بالمسير حتى دخل مكة فى ساعة الظهيرة؛ وخديجة فى عِلْيَة لها معها نساء؛ فرأت رسول الله صلى الله عليه وسلم حين دخل وهو راكب على بعيره وملكان يظلان عليه فأرته نساءها فعجبن لذلك، ودخل عليها رسول الله  صلى الله عليه وسلم فخبَّرها بما ربحوا فسُرَّت بذلك وفرحت به، فلما دخل عليها ميسرة أخبرته بما رأت فقال لها ميسرة: "قد رأيت هذا منذ خرجنا إلى الشام" وأخبرها بقول الراهب بحيرا وقول الآخر الذى خالفه فى البيع.

قالوا: وقدم رسول الله صلى الله عليه وسلم  بتجارتها فربحت ضعف ما كانت تربح وأضعفت له ما سمَّت من الأجر وسُرَّت به سروراً عظيماً.

هذه الصفحة عزيزي الزائر لموقعنا تخبرك عن جديد الموقع  و الاضافات الجديدة سواء كانت فقرات لأبواب موجودة حالياً، أو الأبواب التي تحت الإنشاء، أو جديد الموقع من صور أو غيرها، كما يسرنا أن نرحب باقتراحاتكم و آرائكم على العنوان البريدي لهذا الموقع
صور

 

 

 

الصفحة الرئيسية راسلنا آراء القراء خريطة الموقع