الحجر الأسعد
ولما اجتمع لهم ما يريدون من الحجارة والخشب مما يحتاجونه فى بنائها وغدوا على
هدمها: خرجت لهم الحية التى كانت فى بطنها تحرسها: سوداء الظهر بيضاء البطن
رأسها مثل رأس الجدى، تمنعهم كلما أرادوا هدمها، فلما رأوا ذلك اعتزلوا عند
مقام إبراهيم عليه السلام - وهو يومئذ فى مكانه الذى هو فيه اليوم - فقال لهم
أبو وهب بن عمرو بن عائذ: "يا قوم ألستم تريدون بهدمها الإصلاح؟ قالوا: بلى،
قال فإن الله لا يهلك المصلحين، ولكن لا تدخلوا فى عمارة بيت ربكم إلا من أطيب
أموالكم، لا تدخلوا فيه مالاً من ربا ولا ميسر ولا مهر بغىّ، وجَنِّبوه الخبيث
من أموالكم فإن الله لا يقبل إلا طيباً" (وكان أبو وهب بن عمرو هذا هو خال عبد
الله والد رسول الله صلى الله عليه وسلم، وكان نبيلا شريفاً كريماً كما قال ابن
اسحاق).
ففعل الناس ذلك ثم وقفوا يدعون عند المقام، فأقبل طائر من جو السماء كهيئة
العقاب، ظهره أسود وبطنه أبيض ورجلاه صفراوان، والحية على جدار البيت فاغرة
فاها، فأخذ برأسها ثم طار بها حتى أدخلها أجياد الصغرى، فقال الزبير بن عبد
المطلب:
عَجِبتُ لما تصـورت
العقابُ |
|
إلى الثعبان وهى لها اضطرابُ |
وقد كانت يكون لها كَشِيشٌ |
|
وأحيـاناً يكـون لها وِثَاب |
إذا قمنا إلى
التأسيس
شدَّتْ |
|
تُهَيِّبُنـا البنـاء ولا تهـابُ |
فلما أن خشينا الزَّجرَ جاءتْ |
|
عُقَابٌ بالسكات لها انصبابُ |
فضمَّتْـها إليـها ثم
خَـلَّتْ |
|
لنـا البنيانَ ليس لها حجابُ |
|