شق صدره الشريف
وقع شق الصدر الشريف للنبى صلى الله عليه وسلم وغسل قلبه ثلاث
مرات كما جاء بالسيرة وتأكد به الخبر والأثر. وقد جعلها الله تعالى مظهراً
لمراده الأوَّلى بشرح صدر قلب حبيبه بنور النبوة وإشراح صدر سره بضياء الرسالة،
فكان ذلك الشق الصورى على يد جبريل والملائكة عليهم السلام مُصدِّقاً لقوله
تعالى: ﴿أَلَمْ نَشْرَحْ لَكَ صَدْرَكَ﴾ وكان آية من آيات كماله ونبوته صلى
الله عليه وسلم.
�
وأول ما وقع ذلك للنبى فى الصغر:
وقد جاء الخبر به فى حديث شدَّاد بن أوس أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:
(كُنْتُ مُسْتَرْضَعاً فِى بَنِى سَعْدِ بن بَكْرٍ فَبَينَمَا أَنَا ذَاتَ
يَوْمٍ فِى بَطْنِ وَادٍ مَعَ أتْرَابٍ لِى مِنَ الصِّبيَانِ إِذْ أَنَا
بِرَهطٍ ثَلاَثَة مَعَهُمْ طِسْتٌ مِن ذَهَبٍ مُلِئَ ثَلْجاً؛ فَأَخَذُونِى
مِنْ بَيْنِ أَصْحَابِى وَانْطَلَقَ الصِّبْيَانُ هِرَاباً مُسْرِعِينَ إِلَى
الْحَىِّ، فَعَمَدَ أَحَدُهُمْ فَأَضْجَعَنِى عَلَىَ الأَرْضِ إِضْجَاعاً
لَطِيفاً ثُمَّ شَقَّ مَا بَيْنَ مِفْرَقِ صَدْرِى إِلىَ مُنْتَهَى عَانَتِى
وَأنَا أَنْظُرُ إِلَيْهِ؛ لَمْ أَجِدُ لِذَلِكَ مَسًّا – وجعاً - ثُمَّ
أَخْرَجَ أَحْشَاءَ بَطْنِى ثُمَّ غَسَلَهَا بِذَلِكَ الثَلْجَ فَأَنْعَمَ
غَسْلَهَا ثُمَّ أَعَادَهَا مَكَانَهَا، ثُمَّ قَامَ الثَانِى فَقَالَ
لِصَاحِبهِ: تَنَحَّ، ثُمَّ أَدْخَلَ يَدَهُ فِى جَوْفِى وَأَخْرَجَ قَلْبِى
–
وَأَنَا أَنْظُرُ إِلَيْهِ
–
وَصَدَعَهُ ثُمَّ أَخْرَجَ مِنْهُ مُضْغَةً سَوْدَاءَ فَرَمَىَ بِهَا (وفى
رواية) وَقَالَ: هَذَا حَظُّ الشَّيْطَانِ مِنْكَ
–
ثُمَّ مَالَ بِيَدِهِ يُمْنَةً وَيُسْرَة كَأَنَّهُ يَتَناوَلُ شَيئاً فَإِذَا
بِخَاتِمٍ فِى يَدِهِ مِنْ نُورٍ يَحَارُ النَّاظِرُ دُونَهُ؛ فَخَتَمَ بِهِ
قَلْبِى فَامْتَلأَ نُوراً وَذَلِكَ نُورُ النُّبُوَّةِ وَالْحِكْمَةِ، ثُمَّ
أَعَادَهُ مَكَانَهُ؛ فَوَجَدْتُ بَرْدَ ذَلِكَ الْخَاتِمِ فِى قَلْبِى
دَهْراً. ثُمَّ قَالَ الثَالِثُ لِصَاحِبهِ: تَنَحَّ، فَأَمَرَّ يَدَهُ بَيْنَ
مِفْرَقِ صَدْرِى إِلىَ مُنْتَهَى عَانَتِى فَالْتَأَمَ ذَلِكَ الشَّقِّ
بِإِذْنِ اللهِ تَعَالَى ثُمَّ أَخَذَ بِيَدِىِ فَأَنْهَضَنِى مِنْ مَكَانِى
إِنْهَاضَاً لَطِيفَاً، ثُمَّ قَالَ لِلأَوَّلِ: زِنْهُ بِعَشْرَةٍ مِنْ
أُمَّتِهِ، فَوَزَنَنِى بِهِمْ فَرَجَحتُهُمْ، ثُمَّ قَالَ: زِنْهُ بِمَائَةٍ
مِنْ أُمَّتِهِ فَرَجَحتُهُمْ، ثُمَّ قَالَ: زِنْهُ بألفٍ فَرَجَحتُهُم،
فَقَالَ: دَعُوهُ فَلَوْ وَزَنْتُمُوهُ بِأُمَّتِهِ كُلِّهَا لَرَجَحَهُم،
ثُمَّ ضَمُّونِى إِلىَ صُدُورِهِمْ وَقَبَّلُوا رَأْسِى وَمَا بَيْنَ
عَيْنَىَّ، ثُمَّ قَالُوا: يَاحَبِيبُ لَمْ تُرَعْ؛ إِنَّكَ لَوْ تَدْرِى مَا
يُرَادُ بِكَ مِنَ الْخَيْرِ لَقَرَّتْ عَيْنَاكَ) والمراد بالوزن والرجحان
هنا:رجحان الفضل.
|