مازال رسول الله صلى الله عليه وسلم فى آخر عمره يُعَرِّض باقتراب أجله ويوصيهم
من بعده حتى إذا دنا أجله: جمعهم يوصيهم، وكما ذكر الواحدى عن عبد الله بن
مسعود رضى الله عنه قال: (نعى لنا رسول الله صلى الله عليه وسلم نفسه قبل موته
بشهر، فلما دنا الفِراق: جَمعَنا فى بيت عائشة فقال: (حَيَّاكُمْ اللهُ
بِالسَّلاَمِ، رَحِمَكُمْ اللهُ، جَبِرَكُمْ اللهُ، رَزَقَكُمْ اللهُ،
نَصَرَكُمْ اللهُ، رَفَعَكُمْ اللهُ، آوَاكُمُ اللهُ .. أُوصِيكُمْ بِتَقوَى
اللهِ وَاسْتَخلِفُهُ عَليكُمْ وَأُحَذِّرُكُم اللهَ؛ إِنِّى لَكُمْ مِنْهُ
نَذِيرٌ مُبِينُ - أَنْ لاَ تَعْلَوْا عَلَى اللهِ فِى بِلاَدِهِ وَعِبَادِهِ
فَإِنَّهُ قَالَ لِى وَلَكُمْ:
﴿تِلْكَ
الدَّارُ الآخِرَةُ نَجْعَلُهَا لِلَّذِينَ لاَ يُرِيدُونَ عُلُوّاً فِى
الأَرْضِ وَلاَ فَسَاداً وَالْعَاقِبَةُ لِلْمُتَّقِينَ﴾
وقال تعالى:
﴿أَلَيْسَ
فِى جَهَنَّم مَثْوًى
لِّلْمُتَكَبِّرِينَ﴾
قُلنَا: يَا رَسُولَ اللهِ: مَتى أَجَلُكَ؟ قَالَ: دَنَا الْفِرَاقُ
وَالْمُنْقَلَبِ إِلىَ اللهِ تَعَالىَ وَإِلىَ جَنَّةِ الْمَأْوَى، قُلْنَا يَا
رَسُولَ اللهِ؛ مَنْ يُغَسِّلْكَ؟ قَالَ: رِجَالُ أَهْلِ بَيتِى .. الأَدْنىَ
فَالأَدْنىَ. قُلنَا يَا رَسُولَ اللهِ: فِيمَ نُكَفِّنُكَ؟ قَالَ: فىِ
ثِيَابِى هَذِهِ، وَإِنْ شِئْتُمْ فِى ثِيَابٍ بِيضٍ مِصْرِيَّة أَوْ فِى
حُلَّةٍ يَمَنِيَّةِ. قُلنَا يَا رَسُولَ اللهِ: مَنْ يُصَلِّى عَلَيكَ؟ قَالَ:
إِذَا أَنْتُمْ غَسَّلتُمُونِى وَكَفَّنْتُمُونِى فَضَعُونِى عَلَى سَرِيرِى
هَذَا عَلَى شَفِيرِ قَبْرِى ثُمَّ اخْرُجُوا عَنِّى سَاعَةً؛ فَإِنَّ أَوَّلَ
مَنْ يُصَلِّى عَلىَّ: جِبرِيلُ ثُمَّ مِيكَائِيلُ ثُمَّ إِسْرَافِيلُ ثُمَّ
مَلَكَ الْمَوْتِ وَمَعْهُ جُنودٌ مِنَ المَلاَئِكَةِ، ثُمَّ ادخُلُوا عَلىَّ
فَوْجاً فَوْجاً فَصَلُّوا عَلىَّ وَسَلِّمُوا تَسْلِيماً وَليَبْدَأُ
بِالصَّلاَةِ عَلىَّ: رِجَالُ أَهْلِ بَيْتِى ثُمَّ نِسَاؤُهُمْ ثُمَّ أَنْتُمْ
ثُمَّ أَقْرَءُوا السَّلاَمَ عَلَى مَنْ غَابَ مِنْ أصحَابِى وَمَنْ تَبِعَنِى
عَلَى دِينِى مِنْ يَوْمِى هَذَا إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ.قُلنَا: يَا
رَسُولَ اللهِ وَمَنْ يُدْخِلْكَ قَبْرَكَ؟ قَالَ: أَهْلِى مَعَ مَلاَئِكَةِ
رَبِّى) وكذا رواه الطبرانى.
|