فى السنة السادسة للهجرة قصد الرسول صلى الله عليه وسلم مكة فى ألف وأربعمائة من أصحابه إرادة العمرة، ولكن قريش أبت تمكينه صلى الله عليه وسلم من ذلك ولم يشأ عليه الصلاة والسلام أن يقاتلهم لما سبق فى علم الله إنه سيدخل فى الإسلام منهم خلق كثير ويستخرج من أصلابهم ناس يسلمون ويجاهدون، ورضى صلى الله عليه وسلم بالصلح مع قريش على أن توضع الحرب بينهم عشر سنين وأن يأمن بعضهم بعضاً، وأن يرجع عنهم صلى الله عليه وسلم عامهم هذا، وعلى أن لا يأتيه منهم رجل - وإن كان على دين الإسلام - إلا رده إليهم، بينما لا يلتزمون هم برد من يأتيهم من المسلمين، وعُرِف هذا الصلح بصلح الحديبية، ورغم حزن المسلمين على صدهم عن البيت الحرام وتحفزهم لقتال قريش، إلا أن نزولهم على أمر الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم يعد مضربا للأمثال، يقول الأمام فخر الدين:

 

نزل الصحابة عند حكم مليكهم

 

غنمـوا وكان الرفد والإرفاد

ثم أثبت رسول الله صلى الله عليه وسلم حكمته حيث أن هذا الصلح نزل فيه قوله تعالى بعد ذلك: ﴿إِنَّا فَتَحْنَا لَكَ فَتْحاً مُبِينًا﴾ وذلك لما ترتب على إتمام هذا الصلح من الثمرات الباهرة والفوائد العظيمة التى كانت عاقبتها فتح مكة وإسلام أهلها كلهم ودخول الناس فى دين الله أفواجاً؛ وذلك أن القرشيين قبل الصلح لم يكونوا يختلطون بالمسلمين ولا تظهر عندهم أمور النبى صلى الله عليه وسلم كما هى، فلمَّا حصل صلح الحديبية اختلطوا بالمسلمين وجاءوا إلى المدينة وذهب المسلمون إلى مكة وخلوا بأهلهم وأصدقائهم وغيرهم، وسمع منهم هؤلاء أحوال النبى صلى الله عليه وسلم ومعجزاته الظاهرة وحسن سيرته وجميل طريقته وعاينوا بأنفسهم كثيراً من ذلك فمالت نفوسهم إلى الإيمان حتى بادر خلق منهم إلى الإسلام قبل فتح مكة فأسلموا بين صلح الحديبية وفتح مكة؛ وازداد الآخرون ميلاً إلى الإسلام، فلما كان يوم الفتح أسلموا كلهم لما كان قد تمهد لهم من الميل، وكانت العرب من غير قريش ينتظرون بإسلامهم إسلام قريش فلما أسلمت أسلموا. ومن حكمته صلى الله عليه وسلم البالغة أيضا تعظيمه لحرمة مكة والذى يتضح فيما بعد عند فتح مكة عندما قال عنها: (فَإِنْ أَحَدٌ تَرَخَّصَ فِيهَا لِقِتَالِ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم فَقُولُوا إِنَّ اللهَ قَدْ أَذِنَ لِرَسُولِهِ وَلَمْ يَأْذَنْ لَكُمْ؛ وَإِنَّمَا أُحِلَّتْ لِى سَاعَةً مِنْ نَهَارٍ وَقَدْ عَادَتْ حُرْمَتُهَا اليَوْمَ كَحُرْمَتِهَا بِالأَمْسِ) فكأن رسول الله ينتظر حتى يحين الوقت الذى يدخل فيه إلى مكة بأقل قدر من تحليل هذه الحرمة رغم أن الله قد أذن له فيها.

 

 

هذه الصفحة عزيزي الزائر لموقعنا تخبرك عن جديد الموقع  و الاضافات الجديدة سواء كانت فقرات لأبواب موجودة حالياً، أو الأبواب التي تحت الإنشاء، أو جديد الموقع من صور أو غيرها، كما يسرنا أن نرحب باقتراحاتكم و آرائكم على العنوان البريدي لهذا الموقع
صور

 

 

الصفحة الرئيسية راسلنا آراء القراء خريطة الموقع