عودته إلى مكة

قالت حليمة: فلما فصلته قدمنا به على أمه ونحن أحرص شئ على مُكثه فينا لِما نرى من بركته، فكلَّمنا أمه وقلنا:"لو تركتيه عندنا حتى يغلظ فإنَّا نخشى عليه وباء مكة" ولم نزل على ذلك حتى ردَّته معنا؛ فرجعنا به، فوالله إنه لبعد مقدمنا بشهرين أو ثلاثة؛ كان مع أخيه لفى بُهُمٍ لنا خلف بيوتنا: فجاء أخوه يشتد؛ فقال لنا: "ذاك أخى القُرَشى قد جاءه رجلان عليهما ثياب بيض فأضجعاه وشقا بطنه، فهما يسوطانه" - أى يخلطانه، قالت حليمة: فخرجت أنا وأبوه نشتد نحوه فوجدناه قائماً منتقعاً لونه؛ فاعتنقه أبوه فقال له: أى بُنى ما شأنك؟ قال: جاءنى رجلان عليهما ثياب بيض فأضجعانى فشقا بطنى ثم استخرجا منه شيئاً فطرحاه؛ ثم ردَّاه كما كان" فرجَّعناه معنا، فقال أبوه: "يا حليمة لقد خشيت أن يكون ابنى قد أصيب؛ فانطلقى بنا نرده إلى أهله قبل أن يظهر به ما نتخوف". قالت حليمة: فعزمت على ذلك، فسمعت منادياً ينادى: "هنيئاً لكِ يا بطحاء مكة اليوم يُرَدّ إليك النور والبهاء والكمال؛ فقد أمنتِ أن تُخْذَلِى أو تُخْزَىْ أبَد الآبدين".

قال ابن اسحاق: واحتملته أمه السعدية وقدمت به إلى مكة مع زوجها حتى دخلا به على أمه آمنة فقالت: "ما ردَّكما به فقد كنتما حريصين عليه وعلى مكثه عندكما!!" قلنا: "نخشى عليه الإتلاف والأحداث". فقالت: "ما ذاك بكما فاصدقانى شأنكما". فلم تدعنا حتى أخبرناها خبره، قالت: "أخشيتما عليه الشيطان؟! كلا والله ما للشيطان عليه سبيل، وإنه لكائن لابنى هذا شأنٌ، فدعاه عنكما وانطلقا راشدين" فتركاه لها بمكة بعد أن ظل فى ديار بنى سعد خمس سنين مع أمه حليمة ترعاه وتجد عليه - وقيل أربع - وقال ابن عباس وأبو عمر: (ردته ظئره - أى مرضعته - حليمة إلى أمه بعد خمس سنين ويومين من مولده صلى الله عليه وسلم وذلك سنة ست من عام الفيل). وقد فرحت أمه بعودته فرحاً عظيماً وأعطوا حليمة عطايا زائدة وأنعموا عليها إنعاماً تاماً، وبقى رسول الله صلى الله عليه وسلم بعد ذلك بمكة فى كنف أمه وجدِّه عبد المطلب حيث نشأ وترعرع.

 

هذه الصفحة عزيزي الزائر لموقعنا تخبرك عن جديد الموقع  و الاضافات الجديدة سواء كانت فقرات لأبواب موجودة حالياً، أو الأبواب التي تحت الإنشاء، أو جديد الموقع من صور أو غيرها، كما يسرنا أن نرحب باقتراحاتكم و آرائكم على العنوان البريدي لهذا الموقع
صور

 

الصفحة الرئيسية راسلنا آراء القراء خريطة الموقع